إعلان

"تشكيل حكومة موازية".. مستجدات الحرب في السودان

03:36 م الأربعاء 16 أبريل 2025

الحرب في السودان

بي بي سي

أعلن قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، المعروف بـ "حميدتي"، تشكيل حكومة موازية في السودان، مع بداية العام الثالث للحرب التي أوقعت عشرات آلاف القتلى وأغرقت أنحاء من البلاد في مجاعة.

وجاء في بيان لدقلو، مساء أمس الثلاثاء، عبر منصة تلجرام: "نؤكد بفخر قيام حكومة السلام والوحدة - تحالف مدني واسع يمثل الوجه الحقيقي للسودان".

وأضاف البيان أن الحكومة الموازية ستوفر الخدمات الأساسية في جميع أنحاء السودان، و"ليس فقط في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع".

وينصّ الدستور الذي ذكره البيان على تشكيل مجلس رئاسي من 15 عضوًا "يُختارون من جميع الأقاليم، يرمز إلى وحدتنا الطوعية"، مشددًا على أن قوات الدعم السريع لا تبني "دولة موازية"، بل "المستقبل الوحيد القابل للاستمرار للسودان".

وأوضح البيان أن الحكومة بصدد إصدار عملة جديدة، ووثائق هوية جديدة، "حتى لا يُحرم أي سوداني من حقوقه"، على حدّ تعبيره.

على الصعيد الميداني، أعلن الجيش السوداني أنه نفّذ يوم الاثنين "ضربات جوية ناجحة" استهدفت تجمعات الدعم السريع شمال شرق الفاشر، غربي البلاد. وأدت الغارات إلى مقتل عدد من المقاتلين وتدمير مركبات عسكرية، حسبما أفاد الجيش.

وكانت قوات الدعم السريع قد شنت هجومًا بريًا وجويًا خلال الأسبوع الماضي، استهدف مخيمات النازحين المحيطة بمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وهي آخر مدينة رئيسية خارج سيطرتها في المنطقة.

وتوفر مخيمات زمزم وأبو شوك، المحيطة بمدينة الفاشر، الإيواء لأكثر من 700 ألف شخص، كثير منهم يواجهون ظروفًا أشبه بالمجاعة.

ويوم الأحد الماضي، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مخيم زمزم، واتهمت الجيش السوداني باستخدامه كـ "ثكنة عسكرية"، و"استخدام المدنيين كدروع بشرية"، وفق زعمها.

وخلال الأسبوع الماضي وحده، قُتِل 400 سوداني ونزح 400 ألْفٍ في الهجوم الذي شنته قوات الدعم السريع على مخيم زمزم في شمال دارفور، وفق أرقام الأمم المتحدة.

"خطأ أخلاقي"

1_1_11zon

خلال مؤتمر بشأن السودان عُقِد في العاصمة البريطانية لندن، طالب المشاركون بـ"وقف فوري ودائم لإطلاق النار"، متعهدين بحشد أكثر من 800 مليون يورو إضافي لدعم السودان.

وشدّد المشاركون في المؤتمر الذي نُظّم بمبادرة من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأفريقي، في بيانهم الختامي، على "ضرورة الحؤول دون تقسيم السودان".

وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، في افتتاح المؤتمر، إن الكثيرين "تخلوا عن السودان، وهذا خطأ أخلاقي نظرًا إلى عدد القتلى المدنيين والرضع". وندّد لامي بما وصفها بـ "غياب الإرادة السياسية" لوضع حد للنزاع ومعاناة السودانيين.

وفي افتتاح المؤتمر الذي جمع وزراء 14 دولة بينها السعودية والولايات المتحدة وممثلين عن الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، أعلنت بلدان عدة تقديم مساهمات جديدة للمساعدة الإنسانية، تخطّت قيمتها 800 مليون يورو.

وقبل افتتاح المؤتمر، كشف لامي عن مساعدة جديدة للسودان مقدارها 120 مليون جنيه استرليني (158 مليون دولار) ستسمح بتوفير مؤن حيوية، لا سيما للأطفال الضعفاء، ودعم ضحايا العنف الجنسي.

وستخصص ألمانيا من جهتها 125 مليون يورو إضافي للسودان والبلدان المجاورة التي تستقبل أعدادًا كبيرة من اللاجئين.

أما فرنسا، فستحشد 50 مليون يورو، بحسب ما أكد وزير خارجيتها جان-نويل بارو.

الجدير بالذكر أن المؤتمر لم يشهد حضورًا لأي ممثلين عن أطراف الصراع في السودان، ولم تتلقَّ الحكومة السودانية دعوة للمشاركة في المؤتمر، إذ احتجت على ذلك لدى المملكة المتحدة، منتقِدةً ما وصفته بـ "نهج الحكومة البريطانية الذي يساوي بين الدولة السودانية" وقوات الدعم السريع.

التدخل الخارجي

وخلال المؤتمر، طالب مفوّض السلام والأمن في الاتحاد الأفريقي، بانكولي أديويي، بـ"الوقف الفوري وغير المشروط للأعمال العدائية"، داعيًا ما وصفها بـ "الجهات الخارجية" إلى الامتناع عن التدخل في السودان.

ومن جانبها، قالت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، إن من وصفتهم بـ"الساعين إلى اكتساب سلطة أو نفوذ في السودان من خلال دعم عسكري أو مالي" يؤججون الصراع.

وفي وقت سابق، شدد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، على أهمية "وقف الدعم الخارجي وتدفق الأسلحة" إلى السودان.

وقال جوتيريش، في بيان الاثنين، إن وصول الأسلحة والمقاتلين إلى السودان يسمح للنزاع بالاستمرار والانتشار إلى سائر أنحاء البلاد.

وجدد الأمين العام نداءه لوقف الحرب الدائرة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق، قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو.

ولم يذكر الأمين العام أيّ دولة بالاسم فيما يتعلق بتدفق الأسلحة والمقاتلين إلى السودان؛ لكن الحكومة السودانية تتهم الإمارات بدعم قوات الدعم السريع، فيما تنفي أبوظبي من جهتها هذه الاتهامات، وكذلك قوات الدعم السريع.

ودعت الإمارات بدورها، الثلاثاء، الأطراف المتحاربة إلى "وقف إطلاق النار" على الفور.

2_2_11zon

على صعيد متصل، دعت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى G7، الثلاثاء، إلى "وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار" في السودان.

وقالت الدول السبع، في بيان مشترك، إنها تحض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على الانخراط بشكل "هادف" في مفاوضات جادة.

وأدانت مجموعة السبع الهجمات على مخيمات النازحين والعاملين الإنسانيين، وطالبت بتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية وضمان سلامة العاملين في هذا المجال.

كما أدانت الولايات المتحدة، الثلاثاء، تصعيد قوات الدعم السريع هجماتها غربي السودان، مندّدة باستهداف مخيمين للنازحين واستهداف مواطنين.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس، في مؤتمر صحفي، إن قوات الدعم السريع "تصعّد هجماتها" على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وعلى مخيّمين قريبين يؤويان نازحين.

وأعربت بروس عن "قلق عميق إزاء تقارير تفيد بأن قوات الدعم السريع استهدفت عمدًا مدنيين وجهات فاعلة إنسانية في مخيمي زمزم وأبو شوك" قرب مدينة الفاشر.

عودة النازحين

3_3_11zon

من ناحية أخرى، أعلنت الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، أنها تتوقع عودة أكثر من مليوني نازح في السودان إلى الخرطوم خلال الأشهر الستة المقبلة، إذا سمحت الظروف الأمنية بذلك.

وأكدت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، ضرورة الاستعداد لبدء عودة العديد من النازحين إلى ديارهم في الخرطوم.

وقال رئيس بعثة المنظمة في السودان، محمد رفعت، إن تقديرات أعداد العائدين إلى الخرطوم تستند إلى أعداد المغادرين منذ بدء الحرب، مشيرًا إلى أن العودة تعتمد على "الوضع الأمني، وتوافر الخدمات على الأرض".

وأوضح رفعت أن تجهيز الخرطوم لاستقبال تدفق جماعي سيشكل تحديًا، وأن بعض المناطق قد "تم تنظيفها"، لكن العملية "ستستغرق وقتًا أطول"، مضيفًا أنّ "شبكة الكهرباء في المدينة بأكملها قد دُمرت".

وأضاف أن 33 ألف سوداني عادوا من مصر إلى البلاد خلال نحو أسبوعين، مشيرًا إلى أن غالبيتهم عادوا إلى مناطق الجزيرة وسنار شرقي السودان.

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، في 15 أبريل 2023، على خلفية الصراع على السلطة، وتحوّلت البلاد إلى مناطق نفوذ متقاسمة.

وقد أدت الحرب في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف وتسببت في أزمة إنسانية تُعد من بين الأسوأ في التاريخ الحديث، بحسب الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. كما أدت إلى تهجير أكثر من 13 مليون سوداني بين نازح ولاجئ، فيما غرقت أنحاء عدّة من البلاد في المجاعة.

ويُتهم طرفا الحرب بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين، وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على كلا الجانبين.

وأصبحت السيطرة في البلاد مقسّمة عمليًا بين الطرفين، إذ يمسك الجيش بزمام العاصمة الخرطوم ومساحات واسعة في الشرق والشمال، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على معظم إقليم دارفور غربًا، وأجزاء من الجنوب.

وأحصت الأمم المتحدة قتل أو تشويه 2776 طفلًا بين أعوام 2023 و2024 في السودان، مقابل 150 في 2022. ومن المرجح أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى.

ولا شك في أنه من الصعب التوصل لأرقام دقيقة لضحايا حرب السودان بسبب انهيار القطاع الصحي، إلا أن المبعوث الأممي السابق إلى السودان، توم بيرييلو، قدّر عدد القتلى بنحو 150 ألفًا، بحسب وكالة "فرانس برس".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان