إعلان

عملية معقدة.. كيف هرّب بشار الأسد الأموال من سوريا؟

05:50 م الخميس 17 أبريل 2025

بشار الأسد

وكالات

منذ سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد في ديسمبر الماضي، ظلت التساؤلات حول كيفية تهريب مبالغ طائلة من الأموال ومجوهرات، ووثائق حساسة دون إجابة واضحة، إلى أن كشف تحقيق لوكالة "رويترز" البريطانية عن عملية معقدة لنقل الأموال المهرّبة.

وأشار التقرير، إلى أن الأسد قام بتهريب الأموال السورية، إلى دولة الإمارات قبل فراره من دمشق في ديسمبر 2024، بواسطة طائرة خاصة نفذت أربع رحلات بين دمشق وأبوظبي، فيما كانت قوات المعارضة السورية تتقدم نحو العاصمة، مما أدى إلى انهيار نظام الأسد بعد 24 عاما من الحكم.

التحقيق الذي استند إلى شهادات 14 مصدرا سوريا، بما في ذلك موظفو مطارات، وضباط سابقون في المخابرات الجوية والحرس الجمهوري السوريين، وشخص مقرب من الأسد، يشير إلى أن مهمة تنظيم العملية أُسندت إلى يسار إبراهيم، المستشار الاقتصادي المقرب من الأسد والمسؤول عن إدارة شبكته المالية المعقدة.

وفي إطار عملية تهريب الأموال، استأجر إبراهيم طائرة خاصة من طراز "إمبراير ليجاسي 650" تتسع لـ13 راكبا من رجل الأعمال اللبناني محمد وهبي، لنقل الأموال، والمقتنيات الثمينة، فضلا عن وثائق توضح الهيكلية المالية التي دعمت ثروة الأسد على مدار عقدين من الزمن.

بدأت الرحلات في 6 ديسمبر 2024، مع اقتراب قوات هيئة تحرير الشام من العاصمة دمشق، الأمر الذي دفع الأسد لتسريع خططه لإخلاء أصوله.

وفي الرحلات الثلاث الأولى أقلعت الطائرة من مطار دمشق الدولي، بينما انطلقت الرحلة الأخيرة من قاعدة حميميم الجوية الروسية قرب اللاذقية في 8 ديسمبر الماضي، وهو اليوم الذي فر فيه الأسد إلى روسيا حيث حصل على اللجوء السياسي.

وأظهرت بيانات تتبع الرحلات من موقع "فلايت رادار 24" وصور أقمار اصطناعية من شركة "بلانيت لابز" وجود الطائرة في حميميم صباح ذلك اليوم.

مسار الرحلات وسرّيتها

في الرحلة الأخيرة، غادرت الطائرة مطار البطين في العاصمة الإماراتية أبو ظبي بعد منتصف ليل 8 ديسمبر، وعبرت فوق مدينة حمص حوالي الساعة 3:00 فجرًا. ثم اختفت عن أنظمة تتبع الرحلات لمدة ست ساعات تقريبًا، وهي الفترة التي هبطت خلالها في قاعدة حميميم لتحميل الأصول قبل عودتها إلى أبو ظبي.

وأشار مصدر في المخابرات الجوية السورية في تصريحات لـ"رويترز"، إلى أن إيقاف تشغيل جهاز الإرسال والاستقبال كان مقصودا لتجنب التتبع، ما يظهر الطبيعة السرية للعملية.

الأصول المنقولة

لم يحدد التحقيق القيمة الإجمالية للأموال أو المقتنيات التي تم تهريبها، لكنه أشار إلى أنها شملت مبالغ نقدية كبيرة، ومجوهرات، ووثائق حساسة تكشف عن الشبكات التجارية التي مكنت الأسد من جمع ثروته.

وتشمل الوثائق تفاصيل عن شركات وهمية ومعاملات مالية تمت في دول مثل الإمارات وروسيا لتفادي العقوبات الدولية.

وبحسب المصادر، فإن العملية لم تكن لتتم دون موافقة الأسد شخصيا، رغم عدم وجود دليل مباشر على إشرافه المباشر.

ردود الفعل والتداعيات

أثار التحقيق موجة من الغضب على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر ناشطون سوريون عن استيائهم من استمرار الأسد في نهب ثروات البلاد حتى لحظاته الأخيرة في السلطة.

وطالب العديد منهم بمحاسبة الأسد وشبكته المالية، واستعادة الأموال لدعم إعادة إعمار البلاد، إذ أشار البعض إلى أن هذه الأموال يمكن أن تكون حاسمة في إعادة بناء سوريا التي دمرتها حرب أهلية أودت بحياة مئات الآلاف وشرّدت الملايين.

من جهة أخرى، أكد مسؤول سوري لرويترز أنه تم تهريب أموال بالفعل خارج سوريا قبل سقوط الأسد، غير أنه لم يكشف عن تفاصيل إضافية، مشيرا إلى أن السلطات ما زالت تحقق في وجهة هذه الأصول.

وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أنها لم تتمكن من التواصل مع بشار الأسد أو إبراهيم أو وهبي للحصول على تعليقاتهم.

سياق تاريخي

يأتي هذا الكشف في إطار سلسلة من التقارير التي وثقت أنشطة مالية مشبوهة مرتبطة بعائلة الأسد، فعلى سبيل المثال، أفادت "فاينانشال تايمز" عام 2024 أن النظام السوري نقل مبالغ طائلة إلى روسيا للالتفاف على العقوبات الغربية، كما واجه أقرباء الأسد، مثل رامي مخلوف، اتهامات بغسيل الأموال عبر شركات وهمية في دول خليجية.

ويسلط التحقيق الضوء على التحديات التي تواجهها الحكومة السورية المؤقتة في تتبع هذه الأصول واستعادتها وسط الفوضى التي أعقبت سقوط النظام.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان