إعلان

"ألفين جنيه في اليوم".. قرية مصرية تقع ضحية نصب جماعي بـ 60 مليون جنيه

06:54 م السبت 17 مايو 2025

عملية نصب جماعي

المنوفية - أحمد الباهي:

في مشهد متكرر لكن بأدوات عصرية، سقط أهالي قرية الكُتامية التابعة لمركز الباجور بمحافظة المنوفية ضحية لعملية نصب جماعي مُحكمة، بعدما أغراهم شابان من القرية بمنصة استثمارية زائفة وعدت بعوائد خيالية وصلت إلى 2000 جنيه يوميًا مقابل إيداع 100 ألف جنيه، ونتيجة لهذه الوعود البراقة، انخرط نحو 600 من سكان القرية، ليخسروا مجتمعين ما يقارب الـ 60 مليون جنيه، تاركين خلفهم قصصًا مؤلمة وحياة انقلبت رأسًا على عقب.

البلد كلها اشتركت

"حسين.ا"، صاحب محل أسماك وأحد الضحايا، يروي لـ "مصراوي" كيف بدأت القصة قبل أشهر قليلة، عندما تواصل معه شاب مُقنعًا إياه بفكرة "منصة" استثمارية تعمل في مجالات النفط والذهب والفضة ومُدرجة في البورصة المصرية - حسب زعمه -.

وزاد من إغراء الأمر تأكيده على اشتراك أشخاص آخرين من القرية المعروفين للجميع وتحقيقهم أرباحًا يومية قدرها 2000 جنيه، الأمر الذي بدى واقعيًا وجعل العائد الكبير أكثر جاذبية.

النصاب جمع الثروات وهرب.. ووالده كان "ساعي البريد" للأموال

ما زاد من انتشار الثقة في هذه "المنصة" الوهمية، التغير الملحوظ في حياة أحد الشابين المُروجين لها، فقد تحسنت أوضاعه المادية بشكل لافت وسريع، حيث تزوج واشترى سيارة فارهة بملايين الجنيهات، بالإضافة إلى منازل وأراضٍ زراعية في القرية، وترددت أقاويل عن امتلاكه شققًا في الإسكندرية، والمثير للدهشة، مشهد تداوله الأهالي أمام مكتب البريد، حيث شوهد والد الشاب يحمل حقيبة مليئة بالأموال لتوزيعها على المستفيدين الأوائل، وهو ما عزز مصداقية المنصة في أعين الكثيرين.

ويروي حسين تفاصيل هذا اليوم قائلا :" ذهبت ذات مرة إلى مكتب البريد في انتظار صرف مبلغ مالي، ولاحظت تواجد أعداد كبيرة من كبار السن ينتظرون صرف المعاشات، لكن الموظف أخبرهم أن الأموال الموجودة لن تكفي وعليهم القدوم في يومٍ آخر، في تلك اللحظة ظهر والد الشاب الذى يعمل فى المنصة الوهمية، يحمل حقيبة كبيرة بها أموال طائلة، وهنا هتف الموظف: "اتحلت يا جماعة خلاص، الراجل دا يوم ما بيوصل هنا بيكون معاه فلوس كتير، هنصرف ليكم كلكم بإذن الله"، هنا استفسرت أكثر فأضاف الموظف: "المبلغ اللي بيجيبه بيصرف للناس اللي بتجيلنا في 3 بلاد حوالينا".

أحد الضحايا: بعت أرضي وبقرتي.. وغيري خسر "توكتوكه"

يضيف "حسين" بحسرة: "لم أكن وحدي الضحية، نحن كثر وقعنا في هذا الفخ، هناك من باع أربعة قراريط من أرضه وبقرته، وعندما حان موعد صرف الأرباح في شم النسيم، أُغلقت المنصة وتبخرت الأموال، وشاب آخر متزوج كان يمتلك "توكتوك" اشتراه بالتقسيط، باعه ليُدخل أمواله في المنصة، والآن يدفع أقساط "التوكتوك" ولا يجد عملًا، وتدهورت أوضاعه المادية وأصبح على وشك الطلاق بسبب الضائقة المالية".

زوجة تمنع كارثة بيع المنزل

يشير "حسين" إلى قصة أخرى لرجل كان يملك منزلًا من أربعة طوابق، وأصر على بيعه للانضمام إلى "المنصة" طمعًا في الثراء السريع، لكن زوجته رفضت بشدة وهددته بالطلاق إذا أقدم على هذه الخطوة، وفي اليوم التالي، انتشر خبر إغلاق المنصة وضياع أموال المشتركين، ليذهب الزوج إلى زوجته ويقبل قدميها تقديرًا لرفضها الذي أنقذهم من خسارة منزلهم الوحيد ومصدر أمانهم المستقبلي.

الضحايا يطاردون سراب استرداد الأموال

"كمال"، شاب آخر وقع ضحية للمنصة، أكد أنه دفع 100 ألف جنيه بعد اقتراضه من البنك وبيع ممتلكات شخصية، لكنه خسر كل شيء، ويتابع الآن مع محامٍ وبقية الضحايا أي أخبار عن إمكانية استرداد جزء من أموالهم.

وأشار إلى اختفاء الشابين النصابين قبل 21 أبريل الماضي، ويُعتقد أنهما غادرا البلاد بعد استخراج جوازات سفر حديثة.

وحاول الضحايا التواصل مع عائلتي الشابين، لكنهم تنصلوا من المسؤولية، وأكدوا عدم معرفتهم بمكان أبنائهم وعدم قدرتهم على تعويض الضحايا، ولا يزال الضحايا يترددون على أقسام الشرطة لتحرير محاضر بالواقعة.

محامي الضحايا: 600 ضحية فقدوا 58 مليون جنيه

عبد الحميد فودة، محامي الضحايا، أوضح لـ "مصراوي" أن عدد الضحايا وصل حتى الآن إلى 600 شخص، قاموا بتحويل مبالغ مالية عبر خدمة "فودافون كاش" تجاوز إجماليها 58 مليون جنيه.

وأضاف: "لولا الطمع ما وُجد النصاب"، مشيرًا إلى اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الشابين اللذين قاما بإقناع الأهالي واستغلال طمعهم لتحقيق مكاسب سريعة، ما أوقعهم في براثن عملية نصب واسعة النطاق.

وبينما تتولى جهات التحقيق فحص البلاغات، تظل قصص النصب تتصدر المشهد، ويبقى "المستريحون" في الغالب هاربين خارج البلاد، وفي الوقت الذي يتداول فيه الناس هذه الحكايات، قد تكون عملية نصب جديدة تجري في مكان آخر، ليبقى السؤال: هل يتعظ الأهالي من هذه التجارب المريرة، أم يستمر مسلسل النصب بتفاصيل ومواقع وأساليب مختلفة؟

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان