إعلان

البابا الذي أتعب مَنْ جاء بعده

الكاتب الصحفي سليمان جودة

البابا الذي أتعب مَنْ جاء بعده

سليمان جودة
07:00 م الأحد 11 مايو 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أي معنى بالضبط كان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يقصده، وهو يضع صورته في زي البابا على موقع انستجرام؟ هل كان يقصد القول بأن البابا المقبل سيكون أمريكياً؟

يبدو هذا.. وإلا، فما معنى أن يسارع بمجرد العودة من عزاء البابا فرنسيس في الفاتيكان، إلى وضع صورة له على إنستجرام مرتدياً زي البابا، بينما الصولجان في يده، والقلنسوة الشهيرة للبابا فوق رأسه؟.. لقد أحدثت الصورة صدىً واسعاً، ودار حولها جدل واسع، واستمرت التعليقات بشأنها أياماً، وأثارت الكثير من علامات الاستفهام .

قبلها كان الرئيس الأمريكي قد صرح للصحافة بأنه يتمنى لو كان هو البابا الجديد، خلفاً للبابا فرنسيس الذي غادر الدنيا أبريل الماضي. قالها على سبيل المزاح، ولكن ليس كل مزاح مزاحاً في الحقيقة.

في الحالتين.. حالة الصورة وحالة المزاح.. بدا وكأنه أراد الإشارة الى أنه إذا لم يصبح هو البابا، فلا أقل من أن يكون البابا الجديد أمريكياً! .. وهذا ما جرى بالفعل، واستيقظ العالم صباح الجمعة ٩ مايو على نبأ يقول أن كرادلة الفاتيكان اختاروا أمريكياً من بينهم ليخلف فرنسيس الأول، وأن البابا الجديد هو روبرت فرنسيس بريفوست، وأنه سيتخذ لقباً كما فعل الباباوات السابقون عليه، وأن لقبه سيكون: ليو الرابع عشر!

لم يتزود العالم بمعلومات كافية عن ساكن الفاتيكان الجديد، فكل ما نعرفه عنه أنه أمريكي، وأنه مولود في شيكاغو، وأنه يحمل الجنسية البيروفية إلى جانب الجنسية الأمريكية، وأنه خاطب العالم في أول كلمة ألقاها بعد انتخابه قائلاً: السلام عليكم جميعاً.

ولا بد أن التحدي الأول الذي سيقابل الرجل، أن المقارنات لن تتوقف بينه وبين البابا الراحل، الذي اشتهر بأنه بابا الفقراء، وأنه كان ينتصر لهم على طول الخط، وأنه لم يكن يجد مناسبة يُظهر فيها انتصاره لهم إلا وانتهزها.

وقد وصل في انتصاره لهم الى حد أنه راح يتنكر في ٢٠١٣ في زي لا يعرفه فيه أحد، ثم نزل يطوف شوارع روما موزعاً الطعام على الذين صادفهم في طريقه من المشردين.

وقد اشتهر بصداقة ربطت بينه وبين الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وحضر إلى القاهرة ذات يوم ليشارك في مؤتمر دعا إليه الأزهر، وكان من المتحمسين لفكرة الحوار بين الأديان، وكان الأساس في الفكرة التي يتحمس لها الأزهر أيضاً، أن بين الأديان السماوية الكثير من المشتركات والقليل من الخلافات، وأن من صالح الجميع أن يتحاوروا ويتواصلوا حول المشتركات دائماً، وأن يُنحوا الخلاف الصغيرة جانباً ما استطاعوا.

شخص مثل البابا فرنسيس سوف يُتعب البابا القادم من بعده، وسوف يكون على البابا الجديد أن يواصل طريقاً بدأه الرجل في مقر الباباوية، فالعالم أحوج ما يكون الى أن تكون القيم الدينية حاضرة في حياته، وأن تكون للمراجع الدينية من نوع الأزهر أو الفاتيكان مساحة في واقع الناس، وأن يشتد عود فكرة الحوار لعلها تخفف عن إنسان العصر بعضاً مما يجده في أيامه ويعانيه.

إعلان

إعلان