إعلان

هجرة الأطباء وتدني المرتبات.. على من يقع اللوم؟

عمر النجار

هجرة الأطباء وتدني المرتبات.. على من يقع اللوم؟

عمر النجار
07:05 م الخميس 17 أبريل 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

مع ظهور أعراض أي أزمة، يَكون الاهتمام عادةً من جانب «الجهة المسؤولة» مُنصبًا في المقام الأول على إلقاء اللوم على الأطراف المُتسببة في الأزمة، لا من خلال تَجهيز رؤية حقيقية مدروسة للمساهمة في طرح الحلول.

وكالعادة، تُطفئ الجهة المسئولة شمعة تقديم الحلول من خلال إلقاء اللوم على المتسبب الرئيسي في الأزمة، بدلاً من مَعرفة جوانب وأبعاد المشكلة وسبب تفاقمها وظهورها على السطح.

هذا مَا ظهرَ جليًا في أزمة هجرة الأطباء المتفاقمة يومًا بعد يوم، عندَّما فضلت الجهة المعنية المُمثلة في «وزارة الصحة» الصمت وعدم الحديث لا من قريب ولا من بعيد أو حتى التعليق على هذه الأزمة.

مَا حدث في مستشفيات جامعة الإسكندرية من خلو 117 وظيفة من الوظائف الإكلينيكية للأطباء المقيمين في مستشفيات الجامعة أظهر بوضوح شديد صم آذان وزارة الصحة عن أزمة هجرة أطبائها مثلها مثل البرلمان، الذي قد يَعلو فيه صوت أو اثنان لِإحداث «فرقعة» هوائية تعودنا عليها إلى أن صِرنا نعرف ونتوقع نهاية المشهد البرلماني الدرامي.

الواقع، يُشير إلى أنَّ حكومة الدكتور، مدبولي، وَرثت أزمة إشكالية تفاوت الأجور ما بين الهيئات الخدمية والهيئات الاقتصادية والشركات التابعة لها..

لأنه لا يَصح ولا يُعقل أنْ يَكون خريج دبلوم ويعمل في هيئة اقتصادية تابعة للبترول وغيرها من الشركات الحكومية ويكون راتبه وبدلاته أعلى من طبيب أو أستاذ في الجامعة بِحجة أنَّ هذه الهيئات تربح ولا تُحمل الدولة أي أعباء مالية.

لَقد صار التطرق إلى أساس مُشكلة تفاوت الأجور ما بين الهيئات الخدمية والهيئات الاقتصادية ضروريًا لِصون مَا بقيَّ من الكوادر الطبية والجامعية وغيرها، التي تعمل في الهيئات الخدمية وهم كُثر.

ومن معايير الاقتصاديين إلى مَعايير المفكرين، نجد الاتفاق على أنه يجب معالجة إشكالية تفاوت الأجور ما بين الهيئات وبعضها حتى لا نَجد ظاهرة الإقبال الشديد من بعض الموظفين على ضرورة نقل درجاتهم المالية أو انتدابهم لجهات اقتصادية تُعطي مرتبات وحوافز أعلى من جهة عملهم الخدمية.

وفي الحقيقة، لا تزال وزارة الصحة تبحث عن الحل في طريق الحل بشأن أزمة هجرة الأطباء، أما الحالمون من أعضاء مجلس النواب لا يَزالون يَبحثون عن مناقشة قوانين تهدف إلى حبس الأطباء وتُقيد عملهم، قبلَ أن يَتم رفضها مرارًا وتكرارًا من نقابة الأطباء.

لا تنفع بشيء محاولات الحكومة ومجلس النواب من رفع بدل المخاطر بالمهن الطبية بواقع 300 جنيه للأطباء البشريين وغيرهم من التخصصات الطبية المختلفة، في وقتٍ يُقدر فيه الطبيب البشري في دول الخليج والعالم بأكمله بِمرتبات تُجازيهم تعب وسهر سنوات الدراسة الأكاديمية والعملية.

لا يُلام مجلس النواب عندما وافق في 12 فبراير الماضي من عام 2024 على زيادة فئات بدل مخاطر المهن الطبية بحزمة مالية تُقدر بـ 300 جنيهاً بلْ يَقع اللوم على من يَقتنع بمثل هذه الزيادات التي لا تُقارن بـ 1% من الإغراءات التي تُقدم لهم من دول الخليج وغيرها.

هنا لا أبالغ في تَوصيف ما يتم تقديمه للأطباء من زيادات مالية في بدل المخاطر وما إلى ذلك بِقدر ما أريد طرح الإشكالية على أجندة التساؤل والاستغراب، في ظل ارتفاعات متتالية في الأسعار تأكل الأخضر واليابس.

ووسطَ كل هذه الأطروحات والأسئلة- التي نبحث لها عن إجابات- يَتعين على مجلس النواب دراسة إشكالية تفاوت الأجور ما بين الهيئات الخدمية والهيئات الاقتصادية لِمعالجة أبسط حقوق الأطباء وغيرهم من خلال دراسة مزايا مالية مُقدرة تأتي في صورة مكافآت وعلاوات ثابتة بدلاً من إلقاء اللوم على فئة يَتم تقديرها بصورة كبيرة من كل بلدان العالم.

حفظَ اللهُ مِصرَ وَشعبها ومُؤسساتها.

إعلان

إعلان