إعلان

سبق أن رأينا هذا المشهد

الكاتب الصحفي سليمان جودة

سبق أن رأينا هذا المشهد

سليمان جودة
07:00 م الأحد 20 أبريل 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أهم جملة قيلت في شأن المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران هي التي صدرت عن وزارة الخارجية الأمريكية بعد جولة المفاوضات الأولى في العاصمة العُمانية مسقط. قالت الوزارة إن ما يقال في الغرف المغلقة يختلف عما يقال لوسائل الإعلام أو أمام الكاميرات.

ورغم أن ما تقوله الوزارة ليس جديداً، ورغم أنه يمكن فهمه بالبديهة من خلال ما نسمعه ونتابعه، إلا أن الجديد في الأمر أن وزارة الخارجية لم تجد حرجاً في أن تقول ذلك صراحةً، ولا وجدت مشكلة في أن تقول إن ما يذيعه علينا الطرفان مختلف عما يقال وراء الأبواب.

كان الرئيس الأمريكي ترمب بادر من جانبه فقال إن المفاوضات ستكون في مسقط، وإن الجلسة الأولى ستكون في ١٢ أبريل، وإنها المفاوضات ستكون مباشرة.. وسرعان ما رد الجانب الإيراني فقال إن مكان المفاوضات صحيح وموعدها أيضاً، ولكنها لن تكون مباشرة.

وحين جاء الثاني عشر من هذا الشهر، انعقدت الجلسة الأولى في موعدها ومكانها المحددين من جانب واشنطون، ولكنها لم تكن مباشرة نزولاً على رغبة الجانب الإيراني.. فكأنهما تقاسما الموضوع، وكأن القسمة كانت بينهما عادلة أو شبه عادلة.

وهكذا يتبين لنا أن الجانبين راغبان في التفاوض، وأنهما يلتزمان الحد الأدنى من المرونة، وأن كل طرف منهما مدعو الى أن يتنازل خطوة إذا تنازل الطرف الآخر خطوة مماثلة.. فهذا كله سياسة في النهاية، ومن شأن السياسة أن تتصف بشيء من المرونة، وإلا فإنها تكون أي شيء إلا أن تكون سياسة بين طرفين.

وعندما جاء أوان الجلسة الثانية في ١٩ من هذا الشهر نفسه، فإن خلافاً ثار بين الطرفين حول مكانها لا حول موعدها.. فحكومة المرشد خامنئي في طهران رأت أن تكون الجلسة في مسقط كالأولى، ولكن حكومة ترمب رأت أن تكون في روما، ولم تجد حكومة المرشد مفراً من الخضوع لرغبة الإدارة الأمريكية هذه المرة، وتقرر أن تكون الجلسة في العاصمة الإيطالية.

وبالطبع فإن هذا كله شكل ولا علاقة له بالموضوع الذي لم يعلن الطرفان ما يكفي عنه، ولا سربوا شيئاً بخصوصه يمكن أن يشفي غليل الإعلام، فمنذ بدء التفاوض بل ومن قبل بدء التفاوض يحاول الإعلام تقديم شيء حقيقي للمتابعين ولكن دون جدوى.

ولكن اللافت أن ترمب قال إنه ليس في عجلة من أمره لضرب إيران، أو لشن هجوم على منشآتها النووية، بما يعني أن الرئيس الأمريكي يمشي على سياسة العصا والجزرة مع الإيرانيين، وأنه يُلوّح بما يمكن أن يفيد طهران بإحدى يديه، ثم يُلوّح بالعكس باليد الأخرى.

والحقيقة أن المتابع إذا استعرض مسار المفاوضات بين الطرفين من أيام إدارة أوباما، سيكتشف أن هناك اتفاقاً غير مكتوب بينهما على استهلاك الوقت لإعادة إنتاج ما تم انتاجه من قبل، وأن الغرض لا يخرج عن كونه تخويفاً للعرب من الإيرانيين لأهداف ليست خافية على أحد. فما نراه أمامنا حتى الآن على الأقل هو نفسه تقريباً ما سبق أن رأيناه أيام أوباما، وسوف نرى فيما هو مقبل ما إذا كان ما نستشعره بهذا الشأن صحيحاً، أم أن جديداً قد جد في الموضوع.. سوف نرى لأننا لا نزال في بدء رئاسة ترمب.

إعلان

إعلان